18.8.15

حكاية اللص مع الرجل التاجر (الـــــف ليــــــــلة وليـــــــــلة )



(الـــــف ليــــــــلة وليـــــــــلة )


حكاية اللص مع الرجل التاجر 


    حكى أن رجلا كان لصا وتاب إلى الله تعالى وحسنت توبته وفتح له دكانا يبيع فيه القماش ، ولم يزل على ذلك مدة من الزمان ، فاتفق فى بعض الأيام أنه أغلق دكانه ومضى إلى بيته ، فجاء أحد اللصوص المحتالين وتزيا بزى صاحب الدكان وأخرج من كمه مفاتيح وكان ذلك ليلا وقال لحارس السوق : اشعل لى هذه الشمعة . فأخذها الحارس ومضى ليشعلها . ففتح اللص الدكان ، وأشعل شمعة أخرى كانت معه ، فلما جاء الحارس وجده جالسا فى الدكان ودفتر الحساب فى يده وهو ينظر إليه ويحسب بأصابعه ولم يزل على تلك الحالة إلى وقت السحر ، ثم قال للحارس : ائتننى بجمال وجمله ليحمل لى بعض البضائع فأتاه بجمال وجمله ، فتناول أربع رزم من القماش وناولها إياه فحملها على الجمل ، ثم أغلق الدكان وأعطى للحارس درهمين ومضى خلف الجمال والحارس معتقد أنه صاحب الدكان . 
    فلما أصبح واتضح النهار جاء صاحب الدكان فجعل  الحارس يدعو له لأجل الدرهمين ، فأنكر صاحب الدكان مقالته وتعجب منها ، فلما فتح الدكان وجد سيلان الشمع ودفتر الحساب مطروحا وتأمل فى الدكان فوجد أربع رزم من القماش مفقودة فقال للحارس : ما الخبر ؟ فحكى له ما صنع بالليل ، ومقاولة الجمال على الرزم ، فقال له : ائتنى بالجمال الذى حمل  القماش معك سحرا؟ فقال سمعا وطاعة ، ثم أتاه به ، فقال له : إلى أين حملت القماش سحرا ؟ فقال له : إلى الموردة الفلانية ووضعته فى مركب فلان ، فقال له : سر معى إليه ، فمضى معه إليه وقال له : هذا المركب وهذا صاحبه ، فقال للمركبى : إلى أين حملت التاجر والقماش ؟ فقال له : إلى المكان الفلانى ، وأتانى بجمال فحمل القماش على جمله ومضى ولم أعرف إلى أين ذهب ، فقال له ائتنى بالجمال الذى حمل من عندك القماش ، فأتاه به ، فقال له : إلى أين حملت القماش من المركب مع التاجر ؟ فقال : إلى موضع كذا ، فقال له : سر معى إليه أرنى إياه ، فمضى معه الجمال إلى مكان بعيد عن الشاطئ وعرفه الخان الذى وضع فيه القماش وأراه حاصل التاجر . فتقدم إلى الحاصل وفتحه فوجد أربع رزم القماش بحالها لم تنفك فناولها إلى الجمال وكان اللص قد وضع كساءه على القماش فناوله صاحب القماش إلى الجمال أيضا ، فحمل الجميع على الجمل ،ثم أغلق الحاصل وذهب مع الجمال ، وإذا باللص واجهه فتبعه إلى أن نزل القماش فى المركب فقال له : يا أخى أنت فى وداعة الله وقد أخذت قماشك وما ضاع منه شئ فأعطنى الكساء ، فضحك منه التاجر وأعطاه الكساء ولم يشوش عليه . وانصرف كل منهما إلى حال سبيله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق