الـــــــــف ليلـــــــــــة وليلـــــــــــة
حكاية المرأة المتصدقة وقطع يدها
قالت شهرزاد : يحكى أن ملكا من
الملوك قال لأهل مملكته : " لئن تصدق أحد منكم بشئ لأقطعن يده " ،
فأمسكت الناس جميعا عن الصدقة ولم يقدر أحد على أن يتصدق على أحد .
فاتفق أن سائلا جاء إلى امرأة
يوما من الأيام وقد أضر به الجوع وقال لها : " تصدقى على بشئ " . فقالت
: "كيف أتصدق عليك والملك يقطع يد كل من تصدق ؟" فقال : " اسألك
بالله تعالى أن تتصدقى على " . فلما سألها بالله رقت له وتصدقت عليه برغيفين
، فوصل الخبر إلى الملك فأمر بإحضارها ، فلما حضرت قطع يديها وتوجهت إلى دارها ،
ثم إن الملك بعد حين قال لأمه : " أنى أريد الزواج فزوجينى امرأة جميلة
". قالت : " إن جوارنا امرأة لم يوجد أحسن منها ولكن بها عيب شديد
" . قال : " وما هو ؟ " قالت : " مقطوعة اليدين " ، قال
: " أريد أن أنظرها " . فأتت بها إليه ، وكانت تلك المرأة هى التى تصدقت
على السائل برغيفين وقطع يدها من أجل ذلك " .
فلما تزوج بها حسدها ضرائرها
وكتبن إلى الملك يخبرنه عنها بأنها فاجرة ، فكتب الملك إلى أمه كتابا وأمرها فيه
أن تخرج بها إلى الصحراء وتتركها هناك ثم
ترجع ، ففعلت أمه ذلك وخرجت بها ٍإلى الصحراء ثم رجعت ، فصارت المرأة تبكى على ما
جرى لها وتنتحب انتحابا شديدا ما عليه من مزيد . فبينما هى تمشى والولد على عنقها
إذ مرت على نهر فبركت لتشرب من شدة العطش الذى لحقها من مشيها وتعبها وحزنها ،
فعند ما طأطأت سقط الولد فى الماء ، فجلست تبكى على ولدها بكاء شديدا .
فبينما هى تبكى إذ مر عليها
رجلان فقالا لها : " ما يبكيك ؟ " قالت لهما : " كان لى ولد على
عنقى فسقط فى الماء ". فاقالا لها : " أتحبين أن نخرجه لك ؟ " قالت
: " نعم " . فدعوا الله تعالى فخرج الولد إليها سالما لم يصبه شئ ، ثم
قالا لها: " أتحبين أن يرد الله يديك كما كنتا ؟ " قالت : " نعم
" ، فدعوا الله سبحانه وتعالى فرجعت يداها أحسن مما كانتا عليه ، ثم قالا:
" أتدرين من نحن ؟ " قالت : " الله أعلم " . قالا : "
نحن رغيفاك اللذان تصدقت بهما على السائل وكانت الصدقة سببا لقطع يديك فاحمدى الله
تعالى الذى رد عليك يديك وولدك " ، فحمدت الله تعالى وأثنت عليه .
وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت
عن الكلام المباح

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق